الغذاء والحالة النفسية
ماذا تشعر به الآن؟ هل تحس بالسعادة؟ ان كان جوابك بنعم فاحمد الله على ذلك ندعو الله الله بدوامها ، ولكن آخر لديه شعور بالملل وربما اليأس بسبب مشكلة او موقف حدث له مؤخراً جعله يكثر التفكير فيه دون أن يجد حلا مناسباً.
البعض ربما وصل به الحال الى أن يشعر بالإحباط وربما الاكتئاب لطول المدة التي يعاني فيها من مشكلته او مشاكله. البعض قد يحدث له الشعور السلبي دون سبب معين او كونه خطط لعمل ما مثل السفر مثلا ولم يتحقق له ذلك. يشعر بعض الطلاب هذه الأيام بنوع من الفراغ بالذات الفتيات لأن الشباب ربما وجدوا في مباريات كأس العالم بديلا لشغل وقت فراغهم ، فبعد الامتحانات والجد يشعر الطالب او الطالبة بالفراغ الكبير ولا يدري ماذا يفعل طوال يومه.
هذه الحالات تمر علينا جميعا ويجب أن نعتقد أن لحياة فيها كثير من الأشياء الجميلة ولكنها في نفس الوقت طبعت على كدر كما يقول الشاعر لهذا نتوقع خطأ أننا يجب ان نسعد من لا شيء وفي كل الأوقات وهذا غير صحيح ، فإذا اقتنعنا من أن المشكلات تمر على كل البشر ويمرون بحالات من الفرح والحزن والسعادة والتعاسة بأسباب مختلفة كبيرة أو صغيرة بل أحيانا بدون بب يجعلنا نتقبل تلك الحالات ونبدأ في علاجها ومقاومتها قبل حدوثها.
سؤال يتردد كثيراً هل يوجد أغذية تسبب تعكير المزاج؟ وهل هناك أغذية تجلب السعادة؟ وأين نجدها؟
تناول الغذاء يقلل يشغل النفس عن وضعها الحالي وينقل التفكير الى الغذاء لهذا الذين يعهانون من مشاكل متراكمة او دائمة ومتكررة هم أكثر الناس عرضة للسمنة بل ان البعض وبمجرد وجود اي شيء يضايقه يتوجه للمطبخ وربما كان الوضع أكثر لدى النساء ، و{ايي الشخصي ارى انه لا مانع من من تناول الغذاء او المشروبات الساخنة او الباردة أحيانا لتغيير الوضع النفسي ولكن المهم الا نتعود على ذلك ولا يكون التركيز على الكاكاو كما يفعل البعض لدرجة أن بعض النساء يشكل الكاكا لها الوجبة الرئيسة فهي مدمنة شوكولاته بمعنى الكلمة ، والأمر الآخر الأكل لا يحل المشكلة فربما يستخدم لتلطيف الجو النفسي ولكن لا بد من حل المشكلة الأساسية ومناقشتها بطريقة مناسبة تضمن حلها او على الأقل تقليل تأثيرها.
ونحن جميعا نتمنى أن أن نجد الغذاء الذي يجلب السعادة فور تناوله فبمجرد شعورك بقلق بسيط ماعليك الا تناول ملعقة من ذلك الغذاء فتنسى كل همومك وتنقلب تكشيرتك الى ابتسامة عريضة ، لكن هذا لا يوجد ولن يوجد لأنه يخالف سنة الحياة.
لم تتطرق البحوث العلمية كثيراً لمثل هذه المواضيع وذلك لعدم وجود دليل علمي يؤكد التأثير المباشر للأغذية على الحالة النفسية ، وباتت الحاجة ملحة لإيجاد وسائل للتخلص من الضغوط النفسية التي يواجهها العالم بأسره بمختلف طبقاته واختلاف جغرافيته ، ولم تقتصر تلك المشاكل على عمر معين أو جنس معين ، بل كل الفئات تشتكي نوعاً أو أكثر من تلك الضغوط النفسية. وكان الاختيار الطبيعي هو الغذاء بعد أن تخوف الناس من الدواء غير المأمون ، وبعد التطور الحاصل خلال السنوات القليلة الماضية وجد تزاوج بين بعض الأدوية النافعة والأغذية المساعدة والواقية في نفس الوقت ، لهذا كان التأثير ايجابياً باستخدام بعض الأغذية الطبيعية والابتعاد عن المصنعة كحل لتلك الأزمة ، وسأوضح جانبين للموضوع :الجانب الأول الطب المجرب قديماً بما فيه الطب الصيني والجانب الثاني المثبت طبياً وعلمياً وهذا واضح ومعلوم بالنسبة لنا ، مع أن تأثيره لا يكون سريعاً بأن يظهر خلال ساعات أو ايام كحال الأدوية، لكن قد يحتاج بعض الأسابيع ولكن سيكون هناك تأثير بلا شك .
هناك مؤثرات مجربة قديماً وحديثاً لها تأثيرات مهدئة على كل من لديه مشاكل نفسية أو عصبية منها التركيز على النواحي الروحية والدينية وهناك توجه قوي لهذا الأمر في كل دول العالم وبدأ التركيز عليه في السنوات الأخيرة كما رأيت بنفسي في السجون البريطانية عندما كانوا يستضيفوننا للقاء المساجين المسلمين والجلوس معهم والحديث اليهم وتأدية الصلاة معهم مما أدى بصورة واضحة الى تقليل المشاكل النفسية لديهم وجعلهم اسهل قياداً . ومما أعجبهم اقتراحنا بتغيير الأغذية المحرمة واستبدالها بأغذية شرقية ، وأذكر أن آمر السجن اتصل ليقدم شكره نظرا لنجاح الفكرة ، عندما لمس مفعولها الايجابي على المساجين المسلمين مقارنة بغيرهم. وقد أثبتت الأبحاث تأثير الغذاء لتهدئية المساجين بالذات في سجن الأحداث بمراعات بعض الأغذية وطريقة تقديمها التي سأذكرها هنا.
- أما بالنسبة للغذاء فالحل المثالي لكل المشاكل الصحية ولجميع الناس "سليمهم ومريضهم" هو تناول الغذاء المتوازن الذي يحوى جميع العناصر وهي الكربوهيدرات والبروتينات والدهون والفيتامينات والاملاح المعدنية والماء ، وتتأكد الحاجة بصورة أوضح لمن يعاني من أمراض عضوية أو نفسية فبلا شك هم اكثر الناس استفادة منها ، ولربما احتاج مثل هؤلاء الى مزيد من العناصر التى سأذكرهما لاحقاً .
- الأكل الجماعي أفضل بكثير من الأكل الفردي فلقاء العائلة عى طاولة الغذاء ونقاشهم وتقديم كل شخص الطعام للآخر فيه تقوية للعلاقة والمحبة والرفق بين افراد الأسرة.
- طريقة تقديم الغذاء مهمه جداً جداً ، فواضح للجميع أن الطعام مهما كان مفيداً اذا قدم بطريقة غير مناسبة لاتقبله النفس وحتى ابسط الأشياء تؤثر فمثلاً الشاي اذا قدم في فنجان القهوة أو العكس لا يشعرنا بالطعم الحقيقي له ، لهذا تستخدم هذه الطريقة كأحد أنواع التغذيب في السجون وذلك بتقديم الغذاء بشكل غير مناسب. وقد أوضحت بعض البحوث بأن تقديم الغذاء باسلوب مناسب له تأثير كبير في تهدئة الحالة النفسية.
- يفضل التجديد في تقديم الغذاء وعدم الرتابة فأكل البيت هو الأفضل ولكن التغيير مطلوب واحيانا مكان تناول الغذاء مطلوب وطريقة تقديمه وليس من الضروري تقديم أنواع مكلفة من الأطعمة ، فقط تغير طريقة التقديم مما يضفي جواً من الراحة والاستقرار
- الحقيقة ان لكل عمر مايناسبه من أنواع الأغذية ، فمثلاً بالنسبة للشباب ممن لديهم مشاكل نفسية مثل القلق او كثرة الحركة الناتجة عنها أرى تقليل السكريات والدهون لأن فيها طاقة كبيرة تستثيرهم ، بل ان المطلوب أحياناً محاولة استنزاف تلك الطاقة من خلال التمارين الرياضية والتمارين الذهنية بإشغالهم في حل تمارين ومسابقات تقلل من استمرارية التفكير في المشاكل التي يتوقعها. وقد يحتاج الأشخاص الاكبر سناً الى ذلك ولكن بدرجة أقل .
أغذية لها تأثير سيئ:
بالرغم من أن تأثير الغذاء على الصحة الجسمية معروف، فإن التعليمات الجديدة لجمعية الصحة العقلية تؤكد على وجود علاقة وثيقة بين الغذاء والنمو العقلي وتشير تلك التعليمات إلى أن طبيعة ونوع الغذاء يفاقمان أعراض العديد من الأمراض مثل الفصام والكآبة والقلق والهلع ، وهناك مجموعة من الدراسات تؤكد وجود علاقة وثيقة بين أنواع الأطعمة والصحة النفسية ، فهناك مواد كيميائية توجد في الغذاء ذات تأثيرات متباينة فبعضها مفيد وسأذكرة بعد قليل ومنها ما هو ضار يجب تجنبه . ويأتي على رأس القائمة مادة الكافيين وهناك مواد أخرى تندرج تحت نفس التصنيف باسم مجموعة الزانتين، والتي طبيا تعتبر مواد أمفيتامينات تعمل على إثارة وتنشيط الجهاز العصبي وإبقائه يقظا. إن وجودها في مجرى الدم بكميات كبيرة ولمدة طويلة تؤثر سلبيا على الصحة الجسدية النفسية في آن واحد، حيث أنها تزيد عدد ضربات القلب وحاجته للأكسجين وربما تؤدي للنوبة القلبية وربما ترفع ضغط الدم.
كما تؤدي هذه الهرمونات إلى إرهاق الجهاز العصبي والذي ينعكس في مشاعر التوتر والقلق وربما السلوك العدواني. وتوجد مادة الكافيين في القهوة والشاي والشوكولاته. وهنا أوضح بعض المعلومات عن الكافيين في تلك الأغذية:
1- يمكن أن يتحمل الجسم كمية الكافيين التي يحتويها فنجان القهوة الأمريكية (كوب) ، وما زاد عن ذلك 2